إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شرح كتاب الآجرومية
97537 مشاهدة
العلامة الأولى: الكسرة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمنا الله تعالى وإياه- وللخفض ثلاث علامات: الكسرة، والياء، والفتحة.
أما الكسرة فتكون علامة للخفض في ثلاثة مواضع: في الاسم المفرد المنصرف، وجمع التكسير المنصرف، وفي جمع المؤنث السالم.
وأما الياء فتكون علامة للخفض في ثلاثة مواضع: في الأسماء الخمسة، وفي التثنية، والجمع.
وأما الفتحة فتكون علامة للخفض في الاسم الذي لا ينصرف.
وللجزم علامتان: السكون والحذف.
فأما السكون: فيكون علامة للجزم في الفعل المضارع الصحيح الآخر.
وأما الحذف فيكون علامة للجزم في الفعل المضارع المعتل الآخر، وفي الأفعال التي رفعها بثبات النون.


يستعمل الصنهاجي - رحمه الله - الخفض بدل الجر، وأكثر النحويين يستعملون لفظ الجر وهما بمعنى، فالخفض والجر هو الذي تكون له حركة الكسرة، فذكر أن للخفض ثلاث علامات، أي للجر ثلاث علامات: الكسرة، والياء، والفتحة. بدأ بالكسرة لأنها الأصل، وثنى بالياء لأنها تنشأ عن الكسرة إذا أُشْبِعَت، وثَلَّثَ بالفتحة لأنها أخت الكسرة في المد واللين.
الكسرة هي حركة الفعل التي هي فيها انكسار، وتُعطَى نصف الحرف، فإن الحركات تُعطَى نصف حرف فحركة الضم تعطى نصف حرف الواو، وحركة الفتح لها نصف حرف الألف، وحركة الكسر لها نصف حرف الياء.
الكسرة تكون في ثلاثة مواضع: في الاسم المفرد المنصرف. وقد تقدم أن الاسم المفرد هو: ما ليس مثنى، ولا مجموعا، ولا ملحقا بهما، ولا من الأسماء الخمسة. كأنهم عرَّفُوه بالنفي، ليس بمثنى مثل رجلين، أو رجلان، ولا مجموعا مثل زيدون أو رجال، ولا ملحقا بهما مثل اثنين أو عالمين ولا من الأسماء الخمسة، فيكون الاسم المفرد هو الاسم الفرد، نحو: رجل، فتقول: جلست عند رجل، أو دخلت في المسجد: مجرور بالكسرة، قرأت في الكتاب: مجرور بالكسرة، الكسرة الظاهرة سواء كان معها تنوين: عند رجل، أو بدون تنوين نحو: في المسجد. فالكسرة هي حركة الكسر التي في آخره. وتختص بالاسم المنصرف، أما الاسم الذي لا ينصرف فلا تظهر فيه الكسرة كما سيأتي.
كذلك في جمع التكسير المنصرف، هو الذي ليس فيه ما يمنعه من الكسر، ما يمنعه من الانصراف. فمثلا: إذا قلت: عند هؤلاء الرجالِ، قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ مكسورة، وقوله: بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ الآصال جمع تكسير، أي مجرور بالكسرة. بالغدو: اسم مفرد، والآصال: جمع تكسير، وكلاهما مجرور بالكسرة، فإذا لم يكن منصرفا فإنه لا يكسر- ولو كان جمع تكسير- مثل مصابيح، فإنه جمع تكسير، جمع مصباح. ولا ينصرف.
الثالث: جمع المؤنث السالم: تظهر عليه الكسرة، فقوله تعالى: مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ هذا كله جمع مؤنث سالم مجرور بالكسرة، وإذا لم يكن منونا فإنك تقول: عند المؤمناتِ وعند الهنداتِ وعند الزينباتِ وما أشبه ذلك، وتقول: مجرور بالكسرة في آخره، الكسرة على التاء، هذه التي تظهر عليها الكسرة. الاسم المفرد، نحو: بالغدو، وجمع التكسير: بالآصال، وجمع المؤنث السالم: بالمؤمنات.